لفتت أنظاري تلك الصورة عند شخصٍ ما بأحد المجموعات متعجبًا مما كُتب عليها لوصفها "حال الستات من غير الرجالة" مشيرًا إلي نوع الطعام الذي أمامها مُعبرًا عن الفقر والحاجة، وتلفازها البالي القديم، ودموع عينيها، ظنًا منه أنها تشتاق له، أو أنها ستموت من دونِه، وكأن بقاءَها حيةٌ مَقرونٌ بوجودِه، مُعتبرًا نفسه جالب رزقها -هو الرجل- وليس رب الرجال ؟! ولكن ...
لكن نظرتي لهذه الصورة مختلفةً تمامًا عن هذا العار المكتوب، فالصورة تُعبر تمامًا عن حال المرأة مع وجود الذكر -الذكر الشهواني- لا الذكر العاقل المُحِب في حياتها؛ إذ تُفني وقتها من أجل اِشباع بَطن كائن أخرق لا يعرف أي شيء عن الإنسانية ولا حتي الحيوانية، كائن يتضور لسانة القَذِر اِستمتاعًا للسَبِّ، والشتم، والاِهانة. لا يوفر لها اِحتياجاتها؛ فهو يعتبرها مجرد أداه لا تحس، ولا تشعر؛ فقط أداة تعيش لتأكل، وتطبخ، وتنظف البيت، وتفني جمالها وأنوثتها من أجل ... ، ورغم كل هذه المعضلات الشعورية، والصراعات النفسية والفكرية، اللَّذَين لا يكادان يهدآن داخل صدرها، حتي يخرجا من عينيها ليُذيبا كُحلَها الأسود كما القلب يذوبُ؛ ليس حُبًا، ليس عِشقًا، ليس اِشتياقًا، ليس وكُلُّ ليس جميل، بل يذوبُ قهرًا، ذُلاً، وحرمانًا. لكن لياليها أكثر سواداً؛ فإنها تحافظ علي جمالها وجمال بيتها بقميصٍ، وطرحةٍ، ومزهرية علي تِلفازها البالي القديم.
كذلك هو بُنيان حياتها داخل بيتها: هي المزهرية، وهو البالي القديم.
إرسال تعليق